لعلَّ العجيب في أمر بَعثته إنَّما يكمن في ذلك التوقيت الذي بُعث فيه
؛ فقد بُعث والعالم فوضى يأكل بعضه بعضًا،
وقد ساد الظلم وفشا الفجور وكثرت الآثام والشرور
فها هي دولة الروم العظيمة المترامية الأطراف منقسمة إلى قسمين:
الروم الشرقية وعاصمتها روما،
والروم الغربية وعاصمتها القسطنطينية (إستانبول حاليًا)،
والتي كانت تحمل لواء النصرانيَّة في العالم، وبينهما تنازع عقائدي حيث المذهب الكاثوليكي والمذهب الأرثوذكسي،
ومن الناحية الأخلاقيَّة أُصِيبت الدولة بانحلال خُلُقي جسيم، لم يَقِلَّ عنه الانحلال الاجتماعي، والذي تبدَّى في المفارقة الكبيرة بين طبقات المجتمع، التي كان يمثِّلها غالبًا: السادة والعبيد
أمَّا دولة الفرس فكانت قد شهدت فسادًا حضاريًّا بكل المقاييس؛
إذ كانوا يعبدون النار،
ويُقَدِّسون ملوكهم (الأكاسرة)، معتقدين أن الدماء الإلهيَّة تسري فيهم،
كما فشا فيهم الفساد الأخلاقي، حتى وصل الحال بهم إلى الزواج من محارمهم (البنات والأخوات)،
وقد انقسم المجتمع أيضًا إلى سبع طبقات اجتماعيَّة تَتَرَتَّب تنازليًّا كما يلي:
الأكاسرة،
ثم الأشراف،
ثم رجال الدين،
ثم قواد الجيش،
ثم المثقَّفين من الأطباء والأدباء والعلماء،
ثم الدَّهَاقِين "رؤساء القبائل"
ثم عامَّة الشعب من الفلاَّحين والعمَّال والتُّجار والعبيد ويمثِّلون 90% من المجتمع، ومع ذلك فليس لهم حقوق مطلقًا
وأمَّا أوروبا فقد عاشت - قبل الإسلام وحتى الفتح الإسلامي - في صراعات وحروب مستمرَّة، وكانوا أبعد ما يكونون عن النظافة والأخلاق؛
ومن ذلك أنهم كانوا لا يَسْتَحِمُّونَ إلاَّ مَرَّةً في العام،
كما انتشر بينهم الظلم والاضطهاد،
وكان بعضهم يَحْرِقون الإنسان بعد موته، ويأتون بنسائه فيقتلونهن ويدفنونهن معه
وكذلك كان الوضع في الصين؛ فكانت فيها ثلاث ديانات هي:
ديانة لاتسو
، وديانة كونفوشيوس
،
وديانة بوذا
وديانة بوذا
، وقد تحوَّل بوذا مع مرور الوقت من حكيم ومشرِّع وضعيٍّ إلى معبود لبعض أهل الصين على مدار السنين وحتى الآن، وصُنِعَتْ له التماثيل
.
وأمَّا الهند فقد برزت فيها ثلاث ظواهر رئيسة هي:
وأمَّا الهند فقد برزت فيها ثلاث ظواهر رئيسة هي:
كثرة المعبودات والآلهة، فهم يعبدون أيَّ شيء من الكواكب إلى المعادن والحيوانات، ولا يزالون حتى اليوم يعبدون البقر،
كما ظهرت لديهم الشهوة الجنسيَّة الجامحة،
وكذلك النظام الطبقي الجائر، فقد قسموا المجتمع أربع طبقات
طبقة البراهمة وهم الكهنة والحكام،
وطبقة شترى وهم رجال الحرب
، وطبقة ويش وهم التجار والزرَّاع،
وطبقة شودر وهم المنبوذون الذين هم أحطُّ من البهائم وأذلُّ من الكلاب،
ويصرِّح القانون بأنه من سعادة شودر أن يقوموا بخدمة البراهمة دون أجر.
كما كان من صنيعهم أنهم يَحْرِقُون الزوجة مع زوجها عندما يموت ويدفنونها معه، وإلاَّ فستبقى أَمَةً في البيت لتُصْبِحَ عُرْضَةً للإهانات والتجريح كلَّ يوم إلى أن تموت
أما اليهود فكانوا متركِّزين بالشَّام في ذلك الوقت،
ولم يكن هناك أحد من الناس يحبُّ معاشرتهم؛
فهم في لحظات الضعف يُبْدُونَ الخنوع والنفاق والوقيعة والكذب،
وفي لحظات القوَّة يُبْدُونَ التَّجَبُّر والظلم والوحشيَّة والربِّا
،
وكانوا على عداء دائم مع النصارى منذ زعموا أنهم قتلوا المسيح
وكان تواجدهم في عهد رسول الله في شمال المدينة، وكانوا مُمْسِكِينَ بتلابيب التجارة وخاصَّة تجارة السلاح،
وكانوا حريصين على نشر الخلاف بين القبائل، ولم يتجمَّعوا مع غيرهم إلا على محاربة المسلمين فيما بعد
وإذا جئنا إلى مصر؛ فقد كانت خاضعة للاحتلال الروماني الذي حَوَّلهَا إلى مخزنِ غلالٍ يَمُدُّ الإمبراطوريَّة الرومانيَّة بالغذاء،
وقد فرض على المصريين ضرائب كثيرة، وعانت مصر في عهدهم تخلُّفًا اجتماعيًّا واقتصاديًّا وعلميًّا كبيرًا،
بل كان الرومان يعذِّبون مَن يختلف عنهم من المصريين في المعتَقَد الديني المذهبي، وإن كان الجميع تحت مِظَلَّة النصرانيَّة الأرثوذكسيَّة
.
وكذلك كان الوضع في الحبشة (أثيوبيا)، التي كانت تَدِينُ بالنصرانيَّة المحرَّفة
وكذلك كان الوضع في الحبشة (أثيوبيا)، التي كانت تَدِينُ بالنصرانيَّة المحرَّفة
حكمهم "أصحمة" النجاشي، الذي كان عادلاً لا يُظْلَم عنده أحد، في حين كانت حياتهم بُدَائِيَّة إلى حدٍّ كبير، رغم وجود قوَّة وجيش وسلاح
،
أما العرب الذين بُعث فيهم رسول الله فقد كان لديهم العديد من الأوثان والأصنام التي عبدوها من دون الله،
أما العرب الذين بُعث فيهم رسول الله فقد كان لديهم العديد من الأوثان والأصنام التي عبدوها من دون الله،
وكان لكل بيت صنم ولكل قبيلة إله،
كما ظهر عندهم الكثير من العادات الأخلاقيَّة السيِّئة، كشُرْبِ الخمر، ولعب الميسر، والربا، وتَفَشَّى الزنا بينهم تَفَشِّيًا كبيرًا،
كما كان لديهم عادة بشعة هي "وأد البنات"،
وكثرت بينهم أيضًا الحروب والنزاعات والإغارات، والتي سجَّل التاريخ منها حربي داحس والغبراء، والبسوس
وعلى هذا الوضع كان حال العالم وحال جزيرة العرب قبل بَعثة النبي ولم يكن على الحقِّ إلا أفرادٌ قلائل جدًّا،
مثل زيد بن عمرو بن نُفَيْل والد الصحابي سعيد بن زيد وكان حنيفيًّا على ملَّة إبراهيم
وكذلك ورقة بن نَوْفَلٍ الذي كان قد تَنَصَّر،
كما كان هناك قُسُّ بن ساعدة الذي كان يُبَشِّر بمجيء نبيٍّ، وقد أدرك النبيَّ بالفعل، لكنه لم يُدْرِك البعثة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يــتـــبـــــــــــــع